قصة هجرة النبي وأبي بكر إلى الغار: ملحمة الإيمان والتضحية

قصة هجرة النبي وأبي بكر إلى الغار: ملحمة الإيمان والتضحية

تُعدّ هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة المنورة (يثرب) حدثًا محوريًا في تاريخ الإسلام، وكانت حادثة غار ثور هي الفصل الأكثر إثارة وعمقًا في هذه الرحلة المباركة. لقد كانت الهجرة بحد ذاتها قرارًا إلهيًا، جاء بعد ازدياد اضطهاد قريش للمسلمين وتآمرهم على قتل النبي صلى الله عليه وسلم.

التخطيط للهجرة والتحرك السري

أذن الله تعالى لنبيه بالهجرة، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل صاحبه المقرّب أبي بكر الصديق، الذي كان قد جهّز راحلتين تحسبًا لهذا اليوم. لم يتمكن أبو بكر من كبت دموعه فرحًا بمصاحبة النبي في هذه الرحلة الخطيرة، مُعبرًا عن أسمى 

معاني الرفقة والتضحية.

بعد أن اجتمعت قريش في دار الندوة واتفقت على قتل النبي صلى الله عليه وسلم بأن يأخذوا من كل قبيلة فتى ليضربوه ضربة رجل واحد، أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وفي ليلة الهجرة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن ينام في فراشه ليوهم المشركين بوجوده في البيت، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه حفنة من تراب ألقاها على رؤوسهم وهم ينتظرون.



المبيت في غار ثور

توجه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر جنوبًا، عكس اتجاه المدينة، وتسلّقا جبل ثور الشاهق، ودخلا إلى غارٍ فيه يُعرف بـ غار ثور، وهو غار صخري يقع على ارتفاع حوالي 760 مترًا عن سطح البحر. كانت هذه نقطة اختباء مؤقتة لثلاث ليالٍ ريثما يهدأ البحث عنهما.

وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار أولًا، فقال له أبو بكر: "مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار". فدخل أبو بكر وبدأ يفتش الغار ويغلق الجحور والشقوق التي قد يخرج منها ما يؤذيهما، حتى إذا بقي منها جحران، سدّهما بثوبه. ثم قال: "انزل يا رسول الله" فنزل.

كرامات وعناية إلهية

انطلق المشركون في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، حتى وصلوا إلى غار ثور. يروي أبو بكر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار: "لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه"، فردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بردٍّ يُجسّد التوكل المطلق على الله والثقة بنصره: "يا أبا بكر، ما ظنّك باثنين الله ثالثهما؟" (أشار القرآن الكريم إلى هذه الحادثة: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾).

أرسل الله تعالى من جنوده ما يحفظ نبيه، فقد ذكرت بعض الروايات أنه لما وصل المشركون إلى فم الغار، رأوا نسج العنكبوت على بابه و حمامتان قد عشّشتا، فظنّوا أن لا أحد دخل الغار منذ زمن، فرجعوا خائبين.

الخدمات اللوجستية للرحلة

كان للهجرة ترتيبات دقيقة شارك فيها عدد من الصحابة:

 * عبد الله بن أبي بكر: كان يأتي إليهما ليلًا بأخبار قريش وتحركاتها.

 * أسماء بنت أبي بكر: كانت تأتي إليهما بالطعام والشراب.

 * عامر بن فهيرة: مولى أبي بكر، كان يرعى الأغنام حول الغار ليمحو آثار أقدام عبد الله وأسماء، ويسقيهما من لبن الغنم.

 * عبد الله بن أريقط الليثي: كان هو الدليل الماهر الذي اتُّفق معه على إرشادهما في طريق الهجرة، وكان لا يزال على دين قومه ولكنه كان أمينًا.

الانطلاق نحو المدينة

بعد ثلاث ليالٍ، وبعد أن هدأت مطاردة قريش، انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ودليلهما من الغار نحو المدينة المنورة (التي سمّيت فيما بعد المدينة المنورة). وقد كانت هذه الرحلة إيذانًا ببدء عهد جديد في تاريخ الدعوة الإسلامية وقيام دولة الإسلام.

هذا الفيديو من قناة إسلامية يشرح قصة الهجرة النبوية بأسلوب قصصي، بما في ذلك حادثة الغار، وهو جزء من سلسلة عن السيرة النبوية: غار ثور ومحاولة قتل النبي محمد والهجرة من مكة للمدينة.


سيحتفظ YouTube بالفيديوهات التي شاهدتها في "سجلّ YouTube"، كما سيخزِّن بياناتك ويستخدمها وفقًا  لبنود الخدمة  المتّبعة لديه.


Post a Comment

Previous Post Next Post